أخبار عاجلة

والدة الشهيد باسم عبدالله: قلت له «لو لقيت ضرب ابقى استخبى».. فأجابنى: «ومين يحمى بلدى؟»

والدة الشهيد باسم عبدالله: قلت له «لو لقيت ضرب ابقى استخبى».. فأجابنى: «ومين يحمى بلدى؟» والدة الشهيد باسم عبدالله: قلت له «لو لقيت ضرب ابقى استخبى».. فأجابنى: «ومين يحمى بلدى؟»
قبل المغرب قال لى: «عامله إيه على الفطار علشان آجى أفطر معاكى؟».. وبعد الفطار اتصل بى زميله وقال: «إدعيله ربنا يرحمه»

كتب : محمد على زيدان منذ 9 دقائق

«تبادل معها حديثاً قصيراً: انت عامله فطار إيه النهارده يا ماما علشان آجى أفطر معاكى؟ يعنى لو عامله أكل حلو هتيجى تفطر معانا؟ هاجيلك، بس النهارده أنا عازم صحابى على أكلة سمك.. طيب خلاص سيبنى ألحق أحضر الفطار لوالدك واخواتك.. ماشى هاكلمك بعد الفطار أطمن عليكى».. كانت هذه آخر مكالمة تليفونية بين الرقيب باسم عبدالله، الذى استشهد فى مذبحة رفح، وبين والدته، حيث لم تمنحه رصاصة الغدر فرصة أخرى لاستكمال الحديث مع والدته بعد الإفطار، بل لم تمنحه حتى فرصة «شق» صيامه ولو بتمرة واحدة، حيث أمطرته العناصر الإجرامية بوابل من الرصاص، لينتقل من رتبة رقيب إلى رتبة شهيد.

تروى والدته تفاصيل يوم الحادث الأليم، تقول بصوت خافت، مملوء بالحزن كلما تفوهت بكلمة واحدة وتذكرت فيها ولدها الذى زهقت روحه برصاصة غدر: «باسم اتصل بى فى يوم الحادث مرتين؛ المكالمة الأولى كانت فى الثانية عشرة ظهراً، وتحدث إلى وكنت فى الشارع أشترى بعض الطلبات من السوق، فطلب منى أن أعود إلى البيت، ولا أخرج فى هذا الحر الشديد، وأطلب من والده أو أخيه أن يحضروا لى طلبات المنزل، ثم كانت المكالمة الثانية والأخيرة فى السادسة مساء قبل أذان المغرب وكان حينها يوزع على زملائه الجنود أكلة سمك، اشتراها من العريش خصيصاً لهم، هو كان بيخدم عند كمين الماسورة اللى حصل فيه الضرب، فى هذا اليوم كان عازم الجنود على أكلة سمك».. تدخل والده فى الحديث: «باسم كان بيفطر دائماً فى السكن بتاعه، ولكن الجنود مسكوا فيه علشان يفطر معاهم، وهو كان محبوب من زملائه لأنه كانت معاملته كويسة معاهم».

وفى هذه المكالمة وعد «باسم» والدته أن يستكمل معها الحديث بعد تناول الإفطار، لكن فى تلك المرة خالف «باسم» وعده لوالدته، ولم يتصل بها، تقول والدته: «فى هذا اليوم تناولت الإفطار ونمت، بعد ساعة تقريباً أيقظنى زوجى وقال لى: اتصلى بـ(باسم) دلوقتى. فقلت له: لسه مكلمنى قبل الفطار وهو كويس. فقال: معسكر ابنك بيتضرب بيقولوا دلوقتى فى القنوات»، أمسكت الأم بالهاتف لتتصل به، فرد عليها شخص آخر، قالت له: «أين باسم؟»، فطمأنها وطلب منها أن تعاود الاتصال بعد ساعة، أغلقت الهاتف ثم عاودت الاتصال مرة أخرى ليرد نفس الشخص، فقالت له: «أين باسم أنا أمه؟»، قال: «إدعيله ربنا يرحمه». تكمل حديثها وهى تبكى بعين أم يحترق قلبها على فراق ولدها: «ماكنتش مصدقة إنى مش هشوف (باسم) تانى، ابنى حبيبى راح ومش هشوفه تانى، كنت باقوله: لو لقيت ضرب ابقى استخبى»، وكان يرد عليها: «أستخبى إزاى، ومين يحمى بلدى؟».

يقول والده: «آخر إجازة له كانت يوم 5 رمضان من العام الماضى، وكنت غاضباً منه، لأنه فور وصوله إلى المنزل سافر إلى المنصورة عند خالته، وعندما عاد وتناول الإفطار معنا استعد إلى أن يعود مرة أخرى، قبلنى فى جبهتى وودعنى، وكانت هذه هى آخر مرة أرى فيها (باسم)، حتى إننى لم أستطع أن أراه فى الكفن بعد وفاته، كان شجاعاً يحب وطنه، حتى عندما عرضت عليه أن أحاول نقله إلى القاهرة، كان يقول لى: إذا ماكنتش أدافع عن وطنى على الحدود يبقى إيه لازمة وجودى فى الجيش؟».

ويكمل والده، الذى يبلغ من العمر 55 عاماً: «(باسم) التحق بالجيش منذ 6 سنوات، وكان شخصاً محبوباً من الناس، ويتسم بشهامة ولاد البلد، لذلك كان يحبه أهالى منطقة روض الفرج الذى تربى فيها».

DMC