أخبار عاجلة

الغضب الشعبى يجتاح تونس وليبيا بسبب العنف والاغتيالات.. و«الإخوان» فى قلب العاصفة

الغضب الشعبى يجتاح تونس وليبيا بسبب العنف والاغتيالات.. و«الإخوان» فى قلب العاصفة الغضب الشعبى يجتاح تونس وليبيا بسبب العنف والاغتيالات.. و«الإخوان» فى قلب العاصفة
من جديد، عاد مسلسل العنف والاغتيالات إلى تونس وليبيا، ليظل الأمن هاجساً يؤرق حكومتى البلدين. وبينما تتزايد مخاوف المواطنين، بعد أن ارتفعت وتيرة العنف بشكل غير مسبوق، وتحوّل إلى هجمات منظمة تستهدف مدنيين وعسكريين ومقار أمنية وغيرها من المؤسسات، انصب الغضب الشعبى بشكل خاص على جماعات «الإسلام السياسى» فى دولتى «الربيع العربى»، الأمر الذى وضعهما فى أزمة عميقة. ففى تونس، أعاد اغتيال النائب القومى المعارض فى «المجلس التأسيسى»، محمد البراهمى، حالة الغضب إلى ميادين البلاد التى لم تتعاف بعد من صدمة اغتيال المعارض شكرى بلعيد فى فبراير الماضى. واعتبر مراقبون أن حادث الاغتيال الجديد زاد من الضغوط على حركة «النهضة» الإسلامية، التى تقود الائتلاف الحاكم، والتى تعانى حالة إرباك كبرى بعد الإطاحة بحكم «الإخوان المسلمين» فى . فبعد اغتيال البراهمى شهدت ولايات تونسية احتجاجات عارمة وأعمال عنف للمطالبة بحل «التأسيسى» (البرلمان) والحكومة، وفى حين اتهمت المعارضة وعائلة البراهمى «النهضة» التى تتبع فكر الإخوان باغتياله، نفت الحركة ذلك، واتهمت جماعة سلفية، وشكّل انسحاب 70 نائباً من «التأسيسى» وإعلانهم الاعتصام، لحين حل المجلس، عامل ضغط آخر على «النهضة» يهدد مستقبلها السياسى. ويقول مقربون من الحركة إنها تجد حرجاً كبيراً فى التعامل مع الوضع الجديد، خاصة بعد ردود الفعل الغاضبة على تصريحات رئيس كتلة «النهضة» بالمجلس التأسيسى، الصحبى عتيق، التى هدد فيها باستباحة دم كل من يحاول المساس بـ«الشرعية» التى مكنت حركته من الحكم. وبعدما أبدت رفضها مطالب المعارضة بالاستقالة وبحل «التأسيسى»، خففت من لهجتها وأعلنت استعدادها لتشكيل حكومة ائتلاف وطنى مع الإبقاء على رئيسها على العريض، ورفض أى تحرك لحل «التأسيسى»، الذى يوشك على الانتهاء من صياغة الدستور الجديد. وجاء هذا التغير فى موقف الحركة، بعدما طالب «الاتحاد العام التونسى للشغل»، بحل الحكومة، مما دفع البعض إلى القول إن النقابات، وليس الجيش، قد تكون «الحليف الحاسم» للمعارضة، كون الإضراب ليوم واحد للنقابات يمكن أن يكلف البلاد مئات الملايين من الدولارات. ويرى محللون أن فشل الحكومة فى حماية الشخصيات المعارضة وتحقيق الأمن، خاصة بعد حادث مقتل 9 عسكريين فى هجوم فى جبل الشعانبى، يعطى مشروعية كبيرة لدعوات «التمرد» والاحتجاج ضدها، خاصة أنها لم تستفد من جريمة اغتيال بلعيد لتطوير أدائها الأمنى، ولتحقيق توافق وطنى أوسع، مثلما تعهدت وقتها لامتصاص تأثيرات الحادث على وجودها فى السلطة. وتقول صحيفة «لابرس» الناطقة بالفرنسية إن «اغتيال البراهمى شكل بالنسبة لكثير من التونسيين دعوة إلى التحرك فى مواجهة هيمنة الحزب الإسلامى المتهم بأنه شجع على العنف والتطرف أو ساهم فى تسهيله»، وأضافت أن «الأمر المؤكد هو الفشل الكبير للائتلاف الحاكم بقيادة النهضة». وفى ليبيا، حيث يسيطر حزب الإخوان المسلمين «العدالة والبناء» على ثانى أكبر عدد من المقاعد فى «المؤتمر الوطنى العام» (البرلمان)، ندد الآلاف بـ«الجماعة» بعد حادث اغتيال الناشط والناقد البارز للإخوان عبد السلام المسمارى، وهو أحد أوائل المنضمين إلى ثورة فبراير2011، واتهمت الحشود «العدالة والبناء»، بالتورط فى اغتياله وعدد من النشطاء والعسكريين وبالتسبب فى انعدام الاستقرار، وهاجم متظاهرون مكاتب للجماعة وعدداً من مقار للحزب، احتجاجاً على عمليات الاغتيال، وطالبوا بحل الميليشيات المسلحة وتشكيل جيش وشرطة مهنيين. وبينما تعهد رئيس الوزراء الليبى بإجراء تعديلات على حكومته، حذر إخوان ليبيا، من محاولة استدعاء السيناريو المصرى، معتبرة أن ذلك «سيحدث كارثة فى البلاد، لأن الشعب كله مسلح». ويرى الخبير فى شؤون الجماعات الإسلامية بمعهد «بروكنجز»، عمر عاشور، أن المصاعب التى تواجه جماعة «الإخوان» وحلفاءها فى شمال أفريقيا تعكس مشكلة أكبر لعملية التحول الديمقراطى، وهى أن الخاسرين فى العمليات الانتخابية لا يقبلون حقيقة خسارتهم، فى حين أن الفائزين لم يكونوا قادرين على احتواء المعارضة ولم يكونوا قادرين على الحكم بما يتفق مع آمال الشعب. ورغم موجة الغضب فى تونس وليبيا، وقبلهما مصر، يرى خبراء أنه لا رجوع فى الدول الـ3 التى هى رمز «الربيع العربى»، عن العملية التى سمحت لهم بالتخلص من أنظمة استبدادية، رغم عدم استقرار أوضاعها، لكنهم رأوا أن تلك العملية ستكون طويلة وستتسم بالفوضى. ويقول كريم إميل بيطار، الخبير فى شؤون العالم العربى فى معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية: «نمر بمرحلة ثورية ستستغرق على الأقل 10 سنوات». ويقول دينى بوشار، الباحث فى المعهد الفرنسى للعلاقات الدولية، إن تونس تبقى «البلد الذى لديه أفضل مقومات فى العالم العربى ليصبح بلدا ديمقراطيا رغم وجود عناصر متشددة وأصولية تقوم بكل ما فى وسعها لتقويض هذه العملية». ويوضح جان إيف مواسرون، الباحث فى معهد أبحاث التنمية، رئيس تحرير مجلة مغرب- مشرق، أن «ما يحصل فى مصر يمكن أن يكون عامل استقرار لتونس؛ لأن ذلك يدفع بالنهضة إلى قبول قواعد اللعبة الديمقراطية». وينظر الخبراء إلى ليبيا باعتبارها حالة منفصلة، لأن التنظيم القبلى يسيطر على المجتمع، والقوة الوحيدة التى تتمتع بها الحكومة أمام الميليشيات المسلحة تأتى من أموال النفط، لكن أنطوان بصبوص، مدير مرصد الدول العربية فى باريس، يرى أنه حتى فى هذا البلد الذى يشهد حالة من الفوضى، فإن «المظاهرات التى تنظم حاليا تكشف استياء كبيراً من هيمنة الإسلاميين الذين شكلوا ميليشيات تنسف ما يقرره النواب»، على حد وصفه.

SputnikNews