أخبار عاجلة

«السوايسة» يبدأون موجة التهجير الثانية بعد احتلال « رابعة »

«السوايسة» يبدأون موجة التهجير الثانية بعد احتلال « رابعة » «السوايسة» يبدأون موجة التهجير الثانية بعد احتلال « رابعة »
المهجّرون فروا من العدوان الإسرائيلي على إلى عمارات عام 67 وبعد 46 عاماً يعيشون تحت حصار «أنصار المعزول»

كتب : ماهر أبوعقيل منذ 49 دقيقة

إجراءات خاصة للدخول إلى اعتصام رابعة العدوية، لضمان السلامة من بطش الإخوان وأنصارهم، التفتيش والمراقبة معاناة مستمرة وشاملة تمس الخصوصية، يطبقها المعتصمون على الجميع بمن فيهم سكان المنطقة.

«الوطن» اخترقت اعتصام الإخوان متنكرة ومتخفية، بصحبة أحد أبناء عمارات رابعة العدوية الشهيرة بـ«عمارات السوايسة».. التى تشمل 3 بنايات فى شكل مثلث هندسى، وتضم آلام الأسر المهجرة من محافظة السويس عام 1967 هرباً من العدوان الإسرائيلى، وبعد عشرات السنين تتجدد الأوجاع فى ذاكرة ووجدان «السوايسة» مع احتلال أنصار الرئيس المعزول رابعة العدوية، وتكرار تجربة الهجرة من اغتصاب الإخوان لمنطقتهم والتعدى على السيادة السكنية لهم «فى السويس كان المحتل أجنبى لكن هنا مصرى بيحتل أخوه»، يقولها كريم خليل، أحد سكان عمارات السويس.

«علي» : « عاملين جهاز مخابرات علينا» و«هشام» : « بيعاملونا زى الاحتلال»

شرفات مظلمة وشقق شبه مهجورة من أصحابها.. تعيد لأبناء السويس أجواء التهجير القسرى وقت الحرب، بين العمارات 12 و13 و21 المسكونة للمهجرين السوايسة، يتجول أنصار الإخوان بحرية مطلقة، يبدون فى وضع استعداد دائم للاشتباك والعنف.. ففى أيديهم العصى والأخشاب والمواسير.

فى حدائق العمارات وأسفل «البلكونات» خيام المعتصمين، وعلى مداخل العمارات ورديات من شباب الإخوان، تتفحص كل سيارة أو ساكن عند الدخول، يوضح «كريم» أن ممارسات الإخوان لا تختلف كثيرا عما فعله العدوان مع سكان القناة «المفروض هما ضيوف ولازم يحترموا أهل المنطقة ولا يشتموهم ويضربوهم»، مؤكدا أن كل عمارة تضم 108 أسر، بعدد الشقق «دلوقتى اللى قاعدين ميعديش 10 أو 11 ساكن والباقيين طفشوا»، حسب الرجل الأربعينى.[FirstImage]

وفى عودة لذاكرة الطفولة.. يصف «كريم» مشهد تهجير أسرته ليلا من السويس «كانت الدنيا متدربكة وناس بتموت وأصوات رصاص وقنابل والناس سابت بيوتها خوف من الموت»، رابطا ذكريات طفولته بما يحدث أسفل شباك شقته «بيعملوا حاجات اليهود معملوهاش، بيعذبوا ويضربوا الناس بغباوة وأصوات خلّت ناس كتير سابت بيوتها»، جرائم عديدة ارتكبها الإخوان وجمعت الصدفة مشاهدة «كريم» لها «بصيت مرة لقيتهم دخلّوا واحد خيمة وكنت سامع أصوات الإلكتريكتيك وهما بيعذبوه وعرفنا بعدين أنه مات»، متحدثا عن إحساسه وقت تركه منزله فى السويس، تكرار التجربة مع أبناء عمومته الذين هجروا منازلهم بسبب الاعتصام «أصعب حاجة لما تمشى وتسيب ذكرياتك وصحابك وجيرانك ومفيش قدامك حل تانى».

فرقعات مدوية تحدث بين الحين والآخر.. يتحدث عنها الرجل السويسى «أمر عادى، متعرفوش ضرب نار ولا ألعاب نارية ولا حاجة بيجربوها»، عمارات السوايسة تبدل حالها من الأضواء المبهرة إلى الظلام الدامس.. واحد منهم عمل قفلة فى توصيلة العواميد وحرق اللمبات كلها.. ليه عايزين الشوارع الضلمة مش عارف؟»، حسب كريم.

شهادات حية يذكرها كريم خليل بعين الرؤية تجمع التشابه بين اعتصام الإخوان واحتلال العدوان «اللى شفناه زمان واحنا خارجين من السويس وحالة القلق فى عينين الناس بيحصل هنا من الإخوان، خصوصاً لما يكون فيه مليونية ولا اشتباكات»، شاهدت أسلحة وأجساما غريبة وخياما ممنوع الاقتراب منها ويتم نقلها ليلا، فحسب كريم: «عندهم أجهزة تنصت وتجسس بتأثر على إرسال التليفزيون واللى مش عاجبه من السكان بيضربوه واللى يشكوا فيه بيسموه جاسوس ويوعدوه بالقتل».

«على حمزة» شاب سويسى ثائر، متشبع من قصص نضال أبناء القناة، دائم الاعتراض على الوجود الدائم أمام باب عمارته «إحنا مشينا من السويس عشان الحرب واحنا عيال صغيرين نلاقى حرب الإخوان قدامنا واحنا كبار!»، ينظر إلى الحديقة المملوءة بالخيام معلقا «منظر غير لائق لما مراتك تبص من الشباك تلاقى حد بيستحمى أو تبص فجأة تلاقيهم بيضربوا فى واحد وبعدين تعرف أنه مات الاحتلال مكنش يعمل الحاجات دى».

ينقل «حمزة» انطباع والدته العجوز التى تم نقلها لدى أحد أقاربه بمصر الجديدة «بتقولى احنا مكتوب علينا إننا نسيب بيوتنا هى الناس دى عايزه إيه؟».

على أحد المقاهى البعيدة عن عمارات السوايسة والامتداد الرقابى لأنصار المعزول، يستطيع فقط حمزة الحديث، الأبصار شاخصة والجميع يتابع تحركات بعضهم، قائلا: «عاملين جهاز مخابرات على أهل المنطقة»، مضيفا أن سكان عمارات السوايسة معترفون بحق الإخوان فى الاعتصام بشرط عدم الإضرار بالآخرين «مينفعش يبقى إحنا أصحاب المكان ونتفتش فى الدخلة والخروجة».

أهالي « بلد الغريب» : « فى السويس كان المحتل أجنبي وهنا المحتل مصري» ونزوح 98 أسرة عن المنطقة منذ بداية الاعتصام

كان عمره 7 سنوات وقت العدوان الإسرائيلى.. بعدها بـ48 ساعة وجد نفسه فى أحضان والديه وفى طريقهم إلى القاهرة، استقر «هشام أبوأحمد» فى عمارات السوايسة واندمج مع المجتمع القاهرى حتى قدوم الإخوان للمنطقة «الوضع بتاعهم ده يزيد عن تحكمات الاحتلال»، «أبوأحمد» يذكر أن صوت الاشتباكات فى حادث المنصة لا يختلف عن الساعات القليلة التى قضاها فى السويس، عقب العدوان وهو طفل «فى ودنى صوت ضرب النار بين الجيش المصرى والاحتلال هو نفسه اللى سمعناه من كام يوم عند المنصة».

صاحب محل الأدوات الكهربائية لا يستطيع الذهاب إلى مشروعه، يحيطه الخطر عند الذهاب والعودة.. ويغمره القلق على الأسرة «خايف يحصل فض للاعتصام ويعملوا تفجير فى نفسهم تحت العمارة والعيال تحصل لهم حاجة».

يقول الرجل الخمسينى إنه لا يستطيع الهجرة من المنطقة لعدم وجود مكان بديل فى القاهرة أو خارجها «كل قرايبى هنا جنبى وفى الخارج أما السويس مبقالناش حاجة فيها»، «ابن حى الأربعين بالسويس» يصف الحواجز الأمنية وأعمال البناء المستمر بالتحصينات الحربية التى أقامتها قوات الاحتلال أيام العدوان فى السويس ومدن القناة -حسب رواية أقربائه- مستنكرا وجود ذلك فى حى مصر الجديدة الراقى «جماعة الإخوان عملوا منطقة مسلحة فى قلب القاهرة وده ميصحش»، معترضا على المشهد الإخوانى فى تأمين أنفسهم أسفل العمارات «وأنا راجع بلاقى أشكال مخيفة متعودناش عليها وبخاف حد يضربنى»، حسب هشام.

طريقة تعامل متذمرة بين سكان المنطقة والمعتصمين، كلمات النقاش معدودة، تحمل عبارات صريحة وإيحاءات رافضة لوجودهم، يقول «حمزة»: «لو الناس دى عندها دم تمشى كفاية إننا مش طايقين نتكلم معاهم»، مؤكدا أن تجاوزاتهم على خصوصيات السكان لا يرتضيها أحد منهم أمام منزله «حتى البوابين خافوا وطفشوا عشان واحد منهم ضربوه»، وفقا لقول حمزة.

بين السراديب المظلمة التى كونتها خيام الإخوان يجلس الإخوان فى تجمعات بشرية، يقول «حسين الرومى» ابن السويس، الذى تركها مضطرا شابا، إن الحالة النفسية لأبناء السويس لم تعد تحتمل إجبارهم على الرحيل من مساكنهم «كفاية علينا سبنا بلدنا مرة، هو التاريخ هيعيد نفسه مع الإخوان إخواتنا المصريين»، مسجلا صورا سجلها بعين الرؤية من شقته «من حقهم يعتصموا بس اللى عايشينه ده حرب بين المصريين عمرنا ماسمعنا عنها».

«عم حسين» لديه ولدان يقيمان فى الخارج.. الرجل العجوز شاهد عيان على عملية التهجير إلى القاهرة يقول: «زمان مشينا عشان الاحتلال ودلوقتى هنمشى عشان إيه»، مطالبا القوات المسلحة بإنقاذ سكان رابعة من الاحتلال الإخوانى «الجيش اللى حارب جيوش 3 دول فى 56 مش هيقدر على شوية آلاف معتصمين»، ويؤكد أن عدد المعتصمين لا يتجاوز 600 ألف أوقات المليونيات، «الرجل السويسى» كثير السيرة عن مسقط رأسه فى الكلام عن تضرره من اعتصام الإخوان وخطر التهجير للمرة الثانية، متابعا «الوشوش دى وأفعالها عمرنا مشفناها حتى من العدو»، قائلا عن مظاهر الفوضى التى وصلت إليها المنطقة «مخلفات حرب لكن للأسف بين المصريين»، وفقا للرومى.

يكن سكان عمارات السوايسة عرفانا بالوطنية والكفاءة للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، حاملين مقارنة بين العدوان الإسرائيلى المعادى لعبدالناصر وعدوان جماعة الإخوان على منطقة رابعة العدوية «إسرائيل وحلفاؤها كانوا بيكرهوا عبدالناصر، عشان كده ضربوا السويس وسيناء وبورسعيد ودلوقتى الإخوان اللى محتلين مساكن السوايسة بيكرهوا عبدالناصر برضه»، حسب الرجل العجوز.

DMC