لرمضان حرمة وللدم حرمتان

لرمضان حرمة وللدم حرمتان لرمضان حرمة وللدم حرمتان

أحزنتنى- مثلما أحزنتكم- تلك الدماء الغزيرة التى سالت فى نهار رمضان. وهذه محاولة لترتيب الأفكار فى الأحداث الجسام المتلاحقة التى تمر بها الآن.

1- عندما قام السيسى بالتدخل وفرض خارطة طريق الجيش، فإنه كان بلا شك يتوقع أن دماء غزيرة سوف تسيل من شرايين مصر. ذلك أنه لم يكن مُتِوقعا أن يقبل الطرف الآخر نزعه من السلطة بسهولة. ولا شك أن للدماء حرمة يعرفها السيسى، خصوصا فى نهار رمضان. وبما أنه رجل متدين مقيم لصلاته، كما سمعنا من مختلف الأطراف، فلابد أن هناك سببا قويا جدا يدفعه للتضحية بكل هذه الدماء المُراقة فى سبيل هدف أكبر وأهم.

2- السبب الذى أعلنه السيسى لحظة تنحية الدكتور مرسى هو استجابة الجيش لرغبة الشعب التى أعلنها بخروجه التاريخى الهائل فى 30 يونيو. وقد عرفنا فى الأيام التالية أنه منح الرئيس عدة فرص لإعلان تنحيه أو طرح اسمه للاستفتاء. لكن مرسى رفض بعناد. لاحظ أن تهم الخيانة أو التخابر لم تكن قد خرجت حتى الآن.

3- ولكن هل كانت تنحية الرئيس هى الاختيار الوحيد للجيش؟ ألم يكن ممكنا أن يطرح الجيش بقاء الرئيس للاستفتاء. خصوصا أن النتيجة واحدة، بعد أن ظهر الرفض الشعبى الواسع لحكم الإخوان. ووقتها لم تكن للإخوان قضية يضحون بحياتهم من أجلها.

4- يوجد بلا شك فارق فى تعامل الجيش مع خروج الشعب فى 25 يناير وخروجه فى 30 يونيو، ففى حين كان التريث عنوان نزول الجيش فى المرة الأولى، فإن الإقدام والسرعة والتصميم على إنهاء الوضع كان عنوان النزول الثانى.

5- من الواضح أيضا أنه قد تم تقسيم الشعب إلى أولاد البطة البيضاء، الذين يحظون بالتدليل، وأولاد البطة السوداء، الذين يعاملون بكل عنف. من الواضح تماما أن هناك إفراطا فى استخدام القوة، لا يمكن لإنسان يخشى ربه أن يقبله بحال.

6- المبرر الوحيد لكل هذا الحسم الصارم أن يكون السيسى يعرف يقينا أن الإخوان ليسوا مجرد فاشلين فى إدارة البلاد، لكنهم خونة للوطن أيضا. وأنا -مثل المصريين جميعا- لا أثق كثيرا فى المحاكمات التى تجرى تحت ظل خصومة سياسية، كما حدث فى العصور الماضية. وبالتالى فالله وحده هو الذى يعرف الحقيقة، لو كان عند السيسى- بحكم منصبه- معلومات مؤكدة أن الإخوان تخابروا وأمدوا الجماعات الإرهابية بالسلاح، فاضطر أن يُنحّى مرسى إنقاذا للوطن فهذا عذره عند الله. أما إذا كان الأمر مجرد اجتهادات سياسية تتعدد فيها الآراء فأخشى عليه وأمره إلى الله.

7- إننى أعرف جيدا أن السيسى صار رمزا وطنيا بالنسبة لعشرات الملايين من المصريين. هذا شىء رائع فعلا، لكنه لن يُغيّب بضع حقائق: أولاها أن الدنيا قصيرة والأعوام تجرى أسرع مما نتخيل، والثانية أننا كبرنا واقترب حسابنا، والثالثة أننا لن ندفع عن السيسى يوم القيامة، والرابعة أن رأينا ليس هو المهم وإنما كيف سيحاسبه الله.

أسأل الله من كل قلبى أن يكون السيسى عند حسن ظننا قائدا وطنيا يعرف حدود الله ويتقيها، ولا يخشى فى الله لومة لائم.

aymanguindy@yahoo.com

SputnikNews