أخبار عاجلة

يسقط.. يسقط.. كل قضاة العسكر

انطلقت عقب الحكم بإعادة إعدام المرشد وإخوانه فى قضية مسجد «الاستقامة»، أصوات غليظة من داخل القفص الزجاجى تزعق صاخبة: «يسقط.. يسقط.. كل قضاة العسكر» فى مواجهة المستشار ناجى شتلة، رئيس محكمة جنايات الجيزة.

الغريب أن المتهمين يحاكمون أمام قاضيهم الطبيعى، قاض مدنى يحاكمهم وغيرهم، محكمة مدنية ليست محكمة عسكرية، ليست محكمة استثنائية (أمن دولة طوارئ)، ليست محكمة ثورية كالتى طالبت بها ثورتا 25/30، ليست هناك محاكم خاصة للإخوان أو دوائر مقصورة عليهم، ولم يعين قضاة محكمة الجيزة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بل تختارهم محاكمهم التى تمارس مسؤوليتها القضائية بحسب منظومة راسخة لا تخضع لأهواء نظام الحكم، بل تعمل فى استقلال كامل عن أنظمة الحكم سواء إخوان أو غير إخوان.

المستشار شتلة ليس جديدًا على المنصة، لم يأت من خارج السلك القضائى، لم يتم انتدابه خصيصًا لمحاكمة الإخوان، ولم يكن مدخرًا لهذا اليوم، ولا هو مصنف عدواً للإخوان، ولا مشايع للسيسى، وكان يحكم بالعدل قبل حكم الإخوان وأثناء حكم الإخوان ويحاكم الآن الإخوان، يؤدى عمله تحت لافتة ربانية: «وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ».

هتاف إخوانى بغيض لا يرعوى لقانون ولا يبجّل المحكمة ويهين العدالة، هكذا دأب الإخوان فى وصف من يتصدون لمحاكمتهم، ويرعون صحيح القانون فى إجراءات محاكمتهم، ومنها الإحالة إلى فضيلة المفتى والنزول على رأيه الشرعى، والعودة إليه كلما اقتضى الأمر، رغم أن رأيه استشارى لكن القاضى الجليل يعيد إليه أمر الإحالة ثانية توقيرًا وإعمالًا للعدالة وتمتينًا للحكم وتحصينه من الزلل الشرعى رغم توفر مسوغات الإعدام قانونًا، وكان يمكن للقاضى غضّ البصر عن رأى فضيلته لأنه فى كل الأحوال استشارى ليس ملزمًا إلا لضمير القاضى.

هتاف الإخوان بغيض يعقبون به على الأحكام لإهانتها، وعلى القضاة لوصمهم، بتدبير محكم ورسائل واضحة أنهم يحاكمون أمام قضاء استثنائى متوفر على إعدامهم سياسيًا وليس جنائيًا، والمجرمون يتبعهم الغاوون داخليًا وخارجيًا الذين يجدون فى الهتاف الإخوانى مدخلًا للنيل من القضاء.

لم تتضرر العدالة فى تاريخها الأبيض إلا من سواد الإخوان الذين كانوا يُبيّتون لمذبحة قضائية بدأت بالمحكمة الدستورية ولم تكتمل حلقاتها إلا بتصدى شيوخ القضاة وشبابهم الذين حافظوا على بنيان العدالة من اختراقات ممنهجة، واجتثوا من بين صفوفهم من كانوا إخوانًا أو متأخونين.

للعدالة رب يحميها من الزلل، وقانون يصونها من الانحراف، ومجلس أعلى للقضاء عليه أن يبذل مزيدًا من الجهد لمنع افتئات الإخوان المجرمين على العدالة ووصمها بما ليس فيها.

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة

SputnikNews