الحساب اليسير

عن أبى موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم: «تحشر هذه الأمة على ثلاثة أصناف: صنف يدخلون الجنة بغير حساب، وصنف يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وصنف يجيئون على ظهورهم أمثال الجبال الراسيات ذنوبا، فيسأل الله عنهم وهو أعلم بهم فيقول: ما هؤلاء؟ فيقولون: هؤلاء عبيد من عبادك. فيقول: حطوها عنهم، واجعلوها على اليهود والنصارى، وأدخلوهم برحمتى الجنة».

يدور هذا الحديث حول مكانة الموحدين الناطقين بالتوحيد والعاملين به، فهم وإن كانوا مذنبين فإن الله تعالى يتجاوز عنهم، وذلك لشغل التوحيد، وشرف الانتساب إلى الله تبارك وتعالى، وثقل كلمة التوحيد.

«تحشر هذه الأمة على ثلاثة أصناف» والحشر: الإخراج والجمع، الإخراج من القبور والجمع ليوم القيامة للحساب. وهم الذى قال عنهم النبى: «يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفاً بغير حساب» قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: «هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون».

فقام عكاشة فقال: ادع الله أن يجعلنى منهم، قال: «أنت منهم» فقام رجل فقال: يا نبى الله ! ادع الله أن يجعلنى منهم، قال: «سبقك بها عكاشة».

الصنف الثانى: «صنف يحاسبون حساباً يسيراً» وهو الحساب السهل بلا تعسير، فلا يحقق الله عز وجل عليه جميع دقائق أعماله، وإنما يعرضها فقط عليه، فإن حوسب لا محالة هلك.

وفى حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أنها قالت: قال رسول الله: «من نوقش الحساب عذب» فقالت: أفلم يقل الله تعالى: (فسوف يحاسب حساباً يسيراً) قال: «ليس ذاك بالحساب، ولكن ذاك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب».

الصنف الثالث: «يجيئون على ظهورهم أمثال الجبال الراسيات ذنوبا» وهؤلاء من الموحدين إلا أن ذنوبهم كثرت حتى صارت كالجبال الراسيات.

فيسأل الله عنهم وهو أعلم بهم فيقول: ما هؤلاء؟ فيقولون: هؤلاء عبيد من عبادك أى من الموحدين. فيقول: حطوها عنهم، واجعلوها على اليهود والنصارى، وأدخلوهم برحمتى الجنة».

وهذا معناه إسقاط الذنوب عن المسلمين ووضعها على اليهود وغيرهم.

قال النووى: إنما استحلفه لزيادة الاستيثاق والطمأنينة، ولما حصل له من السرور بهذه البشارة العظيمة للمسلمين أجمعين... وجاء عن عمر بن عبدالعزيز والشافعى رحمهما الله أنهما قالا: هذا الحديث أرجى حديث للمسلمين.

SputnikNews