« جارديان»: التغيرات المناخية وأجهزة استخبارات وراء ظهور «بوكو حرام»

قالت صحيفة جارديان البريطانية، إن ثمة أسباب تكمن وراء ظهور جماعة «بوكو حرام»، لم يلتفت إليها الكثيرون ممن أدانو الحادث الذي نفذته الجماعة الإرهابية، باختطاف 200 طالبة نيجيرية، وقتل ما لا يقل عن 300 مدني.

وأشارت الصحيفة في مقالة نُشر السبت إلى أن تغير المناخ، وتراجع معدلات إنتاج النفط وتراجع الدعم الحكومي له، وكذلك اللعبة السياسية التي تنفذها أجهزة استخبارات عالمية، هي الأسباب الحقيقية وراء ظهور جماعة «بوكو حرام» المنتمية للقاعدة.

واوضحت «جارديان» أن تغير المناخ أدى إلى تصاعد الأضطرابات في نيجيريا منذ العقد الماضي، ففي دراسة صدرت عن وزارة التنمية الدولية البريطانية، أشار الباحثون إلى أن تغير المناخ سيسهم في تناقص الموارد في نيجيريا التي تعاني بالفعل من موارد مائية محدودة، وفساد المحاصيل، فيما أكدت دراسة أخرى صادرة عن معهد السلام الأمريكي، أن ثمة علاقة بين تغير المناخ وارتفاع معدلات العنف في نيجيريا، وخلصت إلى أن «غياب الاستجابة المناسبة للتغيرات المناخية يؤدي إلى عجز في الموارد ( ، والأرض الصالحة للزراعة)، وهذا العجز ينعكس بدوره بأثار سلبية على البلد، متمثلة في استشراء الأمراض وشيوع المجاعات، وارتفاع معدلات البطالة، مؤكدة أن غياب الاستجابة المناسبة لتلك التغيرات يفتح الباب للصراعات».

وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى ما أقره سابو باكو، الأستاذ بجامعة أحمدو بيلو، الذي أوضح أن «أوائل المنتمين لجماعة بوكو حرام التي أسسها مروى محمد خلال فترة الثمانينيات معظمهم من ضحايا ومتضرري الأزمات البيئية التي ضربت نيجيريا وتركتهم يبحثون عن الطعام والماء والمأوى والوظيفة، في بلد يعاني حالة من الفوضى، و الفقر المدقع، والتفكك الاجتماعي»، وهو ماأكده تقرير استعراض إفريقيا (Africa review) الذي أشار إلى أن العديد من جنود المشاة المنتمين لجماعة يوكو حرام، هم ممن هاجروا بسبب الجفاف ونقص الموارد الغذائية في تشاد المجاورة لنيجيريا، كما أوضح أن حوالي 200 ألف مزارع وراعي ماشية عبروا الحدود إلى نيجيريا لما فقدوا الأمل في حياة كريمة بتشاد.

وأوضحت الصحيفة أن نيجيريا تعاني كذلك أزمة حادة في موارد الطاقة الحادة، وبسببها قامت بخفض قيمة الدعم على مواردها، الأمر الذي أجج المزيد من الغضب في البلاد، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن الفساد وتدهور البنية التحتية يلعبا دورًا هامًا في تراجع الأوضاع في نيجيريا، فإن غياب الدعم على موارد النفط يعد المشكلة الأكبر.

وأوضحت الصحيفة أنه في شمال نيجيريا يعيش المواطنين بأقل من دولار في اليوم، وهم في ذلك أفضل حالًا من سكان الجنوب الذين يعيشون بـ .8 دولار يوميًا، أي في مستوى معيشي أقل 20% من سكان الشمال.

ولفتت إلى أن ثمة مشكلة أكبر أحدثها تدهور الأوضاع في نيجيريا، التي غض الغرب الطرف عنها، وقام بدعم حكوماتها الفاسدة، حيث أثبتت الدلائل أن تنظيم القاعدة في المغرب استغل ظهور بوكو حرام في تعزيز سيطرته ونفوذه على الحركات القتالية في نيجيريا.

وأوضحت أن الانتشار المتسارع لتنظيم القاعدة في دول شمال غرب إفريقيا جاء بمباركة أجهزة الاستخبارات الجزائرية، وبعلم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مشيرة إلى أن تعاون الولايات المتحدة مع المجلس العسكري بالجزائر على سبيل المثال، جاء مدفوعًا بتعطش الولايات المتحدة للنفاذ إلى ما تعتبره «ثالث أكبر مخزن للوقود في العالم».

وتطرقت إلى ما أشار إليه الخبير النيجيري جيرمي كينان، الذي أكد أن تنظيم القاعدة بالمغرب ركز في توسيع قاعدة انتشاره بدول شمال إفريقيا على الدول الغنية بالنفط، وخاصة الجزائر، والنيجر، والدلتا، ونيجيريا، والتشاد، والدول الثلاثة الأخيرة هي التي تلقت بها «بوكو حرام» التدريبات على أعمال الإرهاب.

وأشار «كينان» إلى أن طمع الغرب في موارد البترول والنفط التي تمتلكها دول شمال إفريقيا هو ما جعل حكوماته تغض الطرف عن دور تلك الدول الغنية بموارد النفط في شيوع ظاهرة الإرهاب، بل دفعها هذا الطمع إلى التذرع بالفوضى الناتجة عن شيوع الظاهرة بتلك الدول، لأجل إضفاء الشرعية على نفاذها لها وإرساء وجودها العسكري بها، لأجل الاستيلاء على مخزون النفط.

واختتمت الصحيفة إنه لو صح منطق «كينان» فعلى ذلك لن تكون فتيات نيجيريا ضحية التطرف الإسلامي فحسب، وإنما ضحية السياسات الخارجية الاقتصادية والأمنية الفاشلة، أسيرة الطمع في الذهب الأسود.

SputnikNews