أخبار عاجلة

"التكسير الهيدروليكى".. تقنية مثيرة للجدل تساهم فى رفع إنتاجية النفط

"هارون".. قد يظن عندما تسمع هذا الاسم أننا نقص سيرة النبى هارون والذى توفى على جبل سمى باسمه بالقرب من مدينة البتراء بالأردن، حيث كان سيدنا "هارون" متحدثاً باسم سيدنا موسى وكان أداة لكثير من المعجزات، ولكن فى الحقيقة "هارون " الذى نحكى عنه هنا "هو بئر بترول فى منطقة الواحات البحرية التابع لشركة قارون بالصحراء الغربية".
>1.jpg
> فى تلك المنطقة ومثل آلاف المناطق فى ، التى تقوم بعمل التقنيات الهندسية لرفع إنتاجية البئر من البترول، يقوم عمال "قارون" بعمل ما يسمى بالتكسير الهيدروليكى والمعروف بالنفط الصخرى، فالمياه فى تلك العملية أساسية لاستخراج النفط من البئر.
>G53593ca9221c6.jpgهنا أحاديث تتلقاها غرفة العمليات من الفنيين بالخارج ثم يبلغها أحد المهندسين لكل المتواجدين بالغرفة، يقول مدير غرفة العمليات "بدأت العملية الآن بضخ 10 برميل من المياه فى الدقيقة لكسر الطبقات واستخراج النفط بتقنية التكسير الهيدروليكى ".
>G53593ca99fd80.jpgفى كل عملية كسر لطبقة صخرية تتم فى غضون 25 دقيقة، حيث يتم زيادة نسبة ضخ المواد لباطن الأرض لتسهيل قابلية كسر الصخور والشقوق وتسمى هذه الطريقة بالهاى واى وهو أحد أنواع التكسير الهيدروليكى.

والتكسير الهيدروليكى هو من ضمن التقنيات الهندسية التى يتم استخدامها فى التنقيب عن النفط فى أماكن عديدة ويتم ضخ المياه والرمال وبعض المواد الكيمائية التى لا تتعدى 2% وهى تبدو كخلطة جيلاتينية.
>G53593caa05cac.jpg
> وبالخارج حيث يتواجد العديد من المهندسين ومنهم المهندس أشرف بشندى والذى يعمل فى إدارة شركة قارون يشرح قائلاً: إن التجهيزات لعمل "التكسير" استمرت حوالى 9 ساعات قبل البدء فيها، حيث يتم تجهيز المواد الكيميائية التى سيتم ضخها من خلال معمل التجهيزات ويتم استخدام نبات "الجوار" الطبيعى المستورد من الهند وتحوى مادة بيضاء اللون تصبح مثل الجيلى عند مزجها بالمواد الكيميائية الأخرى من بوليمرات وأطنان من الرمال سوداء اللون.
>G53593caa64852.jpg
> انتقلت لغرفة التجهيزات حيث يشرح لى أحد المهندسين فى غرفة التجهيزات كيفية صناعة مواد التكسير الهيدروليكى وهو كما بدا لى عبارة عن مادة جيلاتينية.
>G53593caac284d.jpg
> ويضيف أن العملية تتم بضخ المياه فى الأرض لإحداث الشقوق لتسهيل إمكانية ضخ استرجاع العائد النفطى من غاز أو بترول خام، وما يحدث فى موقع هارون هو نموذج مصغر للتكسير الهيدروليكى لأن العملية باهظة التكاليف، وقد تصل إلى نصف مليون دولار تقريبا.

ما تعريف التكسير الهيدروليكى ؟
> تُعرف شركة تشيباك للطاقة وهى ثانى أكبر منتج للغاز الطبيعى فى الولايات المتحدة الأمريكية التكسير الهيدروليكى Fracing بأنه السماح لمُنتجى النفط من استعادة الغاز الطبيعى أو النفط الخام بأمان من أعماق تشكيلات الصخور الحجرية، عن طريق ضخ سوائل ومياه بنسبة 98% ورمال وأحماض كيميائية بنسبة 2% تستخدم كمزيج يحقن فى البئر النفطية،، ويتم تصريف المياه وفق برامج معالجة محددة من خلال الصرف الصحى حتى لا تعود مرة أخرى للمياه الجوفية وتلوثها، علما بأن هذه التقنية استخدمت لأول مرة فى مصانع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1940.
>G53593cab5bfa9.jpg
> وتوصف وكالة الحماية البيئية فى الولايات المتحدة الأمريكية "التكسير" بأنه يتم حفر آبار الإنتاج فى الاتجاه الرأسى وإقرانها مع مقاطع الاتجاه الأفقى وقد تمتد المقاطع الجانبية من 1000 قدم إلى 6000 قدم من البئر.

ويتم ضخ السوائل والتى تكون عادة مصنوعة من المياه والمواد الكيميائية فى التجويف الجيولوجى تحت ضغط عال ونتيجة الضغط يتسبب فى طفو سوائل التكسير على السطح وتخزينها فى خزانات قيل التخلص منها وتدويرها ,ويتم التخلص من المياه بتصريف المياه السطحية وحقن المياه فى باطن الأرض مرة أخرى.

ما علاقة التكسير الهيدروليكى برفع إنتاجية الطاقة من عدمه؟
> فى جانب مشابه لما يحدث بحقل هارون، يسرد الدكتور إبراهيم زهران مدير عام شركة خالدة سابقاً عملية التكسير، "أن شركة خالدة حفرت أكثر من 145 بئرا استخدم فيها عملية التكسير الهيدروليكى" وهو رقم كبير بالنسب العالمية، وكانت مناطق الحفر مابين الصحراء الغربية فى مصر وغيرها من المناطق وذلك فى عامى 2003 و2004، حيث تم رفع إنتاج الآبار من 37 ألف برميل يوميا إلى 90 ألف برميل يوميا.
>G53593cabbd64d.jpg
> أما المهندس حسين محمد مسؤول التقنيات بأحد شركات البترول يقول أن "الطاقة الإنتاجية للبئر الذى تم عمل تقنية التكسير الهيدروليكى فيها لابد أن تتراوح مابين 10 إلى 30 ألف برميل باستخدام التكسير وإلا عد ذلك هدرا للإنتاج وللمياه".

ما أشهر الأماكن التى تم استخدام تقنية التكسير الهيدروليكى بها؟
> وفقا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والتى نشرت تقريراً تقنية التكسير الهيدروليكى والتى قالت فى تقريرها عام 2011، أن تقنية التكسير الهيدرولكى تشكل جدلاً واسعاً حول الاعتبارات البيئية المؤثرة لها، وتؤكد أنه تم استخدام تلك التقنية فى الصحراء الغربية من قبل شركات بدر الدين، أباتشى، دانه غاز، شل، عجيبة، قارون، خالدة.

ما دراسات التكسير الهيدروليكى وعلاقتها بالطاقة الإنتاجية؟
> من جهة أخرى، تذكر دراسة أعدها الباحث فى جامعة الملك فهد للبترول الدكتور عبد الله عتيانى والمنشورة عام 2013 فى مجلة أرامكو بعنوان الصخر الزيتى مصدر محتمل للنفط التقليدى أن الطاقة الإنتاجية باستخدام التكسير الهيدروليكى لابد أن تتراوح مابين 10 آلاف برميل و30 ألف برميل وأنه بالرغم من النجاحات التى تحققها صناعة الصخر الزيتى إلا أن الأعمال السطحية تُرافقها بعض الاعتبارات التى يجب النظر إليها ودراستها جيداً.

علاقة كفاءة الطاقة بالتقنية الهندسية وكيفية ترشيد الاستهلاك؟
> من واقع التجربة العملية للتقنيات الهندسية فإن طريقة الحفر والبحث فى المنطقة بالأجهزة للكشف عن مكامن البترول يعد من الأساسيات المسببة لمعرفة كمية النفط فى تلك المنطقة، والتى بناء عليه يتم إنشاء موقع صغير يتم نقل العمال فيه لبدء عملية الحفر لاستخراج النفط.

قد تعادل تكلفة العملية المالية أكثر من كمية المواد البترولية المستخرجة من بئر النفط إذا كان إنتاجه أقل من المطلوب لذا يجب البحث والتدقيق أولاً، والتى قد يؤدى فشلها لإهدار واستنزاف الأموال وإهدار الطاقة البشرية وإهدار الطاقة المستخدمة لاستخراج تلك الطاقة.

الغريب فى أمر التكسير الهيدروليكى أن بعض شركات البترول تفشل فى إنتاج النفط من البئر بسبب اعتماد تلك التقنية قبل دراسة المنطقة ومسحها جيداً لتتعرف على المكامن البترولية.
> ولكن تبقى تلك تقنية التكسير الهيدروليكى بالرغم من بعض الاعتبارات البيئية أحدى المسببات لرفع إنتاجية الطاقة المحلية والتى كما قلنا سابقاً من خلال الدراسات، إنه لابد ألا تقل عن 10 آلاف برميل يومياً حتى يتم اعتمادها كبئر منتجة.

نماذج لاعتماد تقنية التكسير الهيدروليكى ومدى تأثيره على توزيع خريطة الطاقة فى العالم :
> ولمعرفة بعض النماذج العالمية التى تعتمد على تلك التقنية، يشرح فاتح بيرول كبير الاقتصاديين فى وكالة الطاقة الدولية، فى تصريح له فى أحد الصحف "أن أمريكا ستصبح أكبر منتج للنفط دون أى استيراد، وذلك خلال عام 2020، وستصبح أيضاً أكبر مورد للنفط فى خلال عام 2030، وسوف تتراجع السعودية عما قريب فى مركزها فى الخريطة العالمية لقوى الطاقة النفطية، مما سيؤثر بالسلب على الدول المستوردة للنفط أيضاً".

ويضيف "الفضل كلّه يعود إلى تقنية التكسير الهيدروليكى والتى أحدثت ثورة فى الإنتاج النفطى فى الولايات المتحدة".

برغم أنّ السعودية عملت على زيادة إنتاجها النفطى إلى الحد الأقصى الذى لا يؤثر على الأسعار, و لكن بسبب تطوير حقول جديدة فى العراق ازدادت أهمية الغاز هناك، فتراجعت حيوية الدور السعودى.

الأمير الوليد بن طلال أدرك خطورة الأمر ووجه رسالة إلى وزير النفط وعمّه الملك عبد الله يحثّهما على الانتباه: “إنّ بلدنا تواجه تهديداً دائماً بسبب اعتمادها شبه الكلّى على النفط، والعالم من حولنا يقلّل بشكل متواصل من اعتماده على النفط الذى تنتجه بلدان أوبك بما فيهم المملكة".

أما دول العالم فتحاول تقليد التجربة الأمريكية بعمل بتقنية التكسير الهيدروليكى واستحداث نظم الاستخراج الحديثة، فالصين تسيطر حالياً على المشهد فى آسيا حيث تعد أكبر مستثمر لصناعة الغاز والنفط فى إيران،ولكنها غيرت المسار للاستثمار فى دول أخرى مثل السعودية وقطر والإمارات.

أما الدب الروسى والأرجنتين فيحاولان أيضاً السير قدماً فى تجربة تلك تقنية التكسير الهيدروليكى أو النفط الصخرى.

G53593cac035bc.jpg

stripnews2013.png

اليوم السابع